يتصارع ثلاثي برشلونة بيدري، فرينكي دي يونج، وجافي - مع خط وسط ريال مدريد القوي المكون من أوريليان تشواميني، لوكا مودريتش، وجود بيلينجهام.
يعد وسط الملعب ساحة الحرب الحقيقية التي ستحدد مصير المباراة، مع تألق برشلونة في السيطرة على هذه المنطقة بفضل براعة بيدري ودي يونج في تفكيك خطط الخصم.
ويتصدر برشلونة جدول ترتيب الدوري الإسباني برصيد 79 نقطة، متقدما بفارق 4 نقاط عن وصيفه ريال مدريد صاحب ال75 نقطة.
السيطرة المطلقة
تحت قيادة المدرب هانز فليك، أظهر برشلونة هذا الموسم هيمنة لافتة في خط الوسط، حيث يعتمد على أسلوب لعب يركز على الاستحواذ، التمريرات الدقيقة، والضغط العالي.
ما يميز وسط برشلونة هذا الموسم هو التفاهم العالي بين بيدري ودي يونج، والقدرة على تدوير الكرة بسلاسة والانتقال من الدفاع إلى الهجوم في لمح البصر، كما يجيد بيدري التحرك بين الخطوط، بينما يتحكم دي يونج في إيقاع اللعب من العمق، ما يصعب من مهمة الضغط على البرسا.
يبرز بيدري كقلب هذا النظام بفضل رؤيته الاستثنائية وقدرته على خلق الفرص، ففي الكلاسيكو الأخير في كأس الملك (26 نيسان/أبريل 2025)، سجل هدفا رائعا ولمس الكرة 108 مرات، متفوقا على جميع اللاعبين، ما يعكس دوره المحوري في التحكم برتم المباراة، وقدرته على التحرك بين الخطوط وتوزيع الكرات القصيرة والطويلة تجعله صانع ألعاب بامتياز.
أيضا يشكل فرينكي دي يونج العمود الفقري لوسط برشلونة، حيث يتميز دي يونج بتنوع أدواره، حيث يجمع بين الدفاع والتمرير والتقدم الهجومي، وفي الكلاسيكو السابق، أكمل 30 من 31 تمريرة بدقة عالية، ما ساعد البارسا على الحفاظ على الاستحواذ تحت الضغط، ودوره في قطع الكرات وإعادة تدوير اللعب يجعله حجر الأساس في مواجهة الضغط العالي من ريال مدريد.
أما جافي، فهو المحارب الذي يضفي الطاقة والشراسة، عودته من الإصابة عززت خيارات فليك، حيث يتميز بالضغط المستمر على حامل الكرة وقدرته على استعادة الكرة في مناطق متقدمة، وفي كأس الملك، أظهر جافي لحظات من القوة في استعادة الكرة، ما ساهم في تعطيل إيقاع ريال مدريد.
ويعتمد البلوجرانا على التناغم بين هذا الثلاثي للسيطرة على وسط الملعب، بيدري يتحكم بالإيقاع، دي يونج يوازن بين الدفاع والهجوم، وجافي يضيف الحدة، هذا المزيج يتيح لبرشلونة فرض أسلوبها، خاصة في الاستحواذ (غالبا ما يتجاوز 60% في المباريات الكبرى) وخلق الفرص عبر التمريرات القصيرة والحركة الديناميكية.
وفي مباريات الكلاسيكو السابقة، أظهر برشلونة قدرة واضحة على السيطرة على الكرة، حيث بلغ معدل الاستحواذ في لقاء الذهاب 62%، ومرر لاعبوه 670 تمريرة ناجحة مقابل 480 فقط لريال مدريد، وهذه السيطرة لم تكن شكلية، بل أثمرت عن فرص حقيقية وإيقاع لعب منظم حرم ريال مدريد من بناء هجماته بسلاسة.
القوة والخبرة
يمتلك ريال مدريد في المقابل خط وسط يجمع بين الشباب والخبرة، حيث يعد أوريليان تشواميني هو العنصر الدفاعي الأساسي، حيث يتميز بقوته البدنية وقدرته على تغطية المساحات.
وفي نهائي كأس الملك، كان تشواميني نشطا في كل مكان، حيث سجل هدفا وتصدى للعديد من هجمات برشلونة بفضل تدخلاته القوية، ودوره في حماية خط الدفاع سيكون حاسما لمواجهة تحركات بيدري وجافي.
ويظل لوكا مودريتش، رغم تقدمه في العمر (39 عاما)، صانع ألعاب استثنائيا، رؤيته وتمريراته الطويلة تشكل تهديدا مستمرا، خاصة عندما يجد مساحات لربط خط الوسط بالهجوم، وفي الكلاسيكو الأخير، دخل مودريتش كبديل وساهم في تحسين أداء ريال مدريد هجوميا لكن تحديه الأكبر سيكون مواكبة الضغط العالي من جافي ودي يونج.
أما جود بيلينجهام، فهو القلب النابض لوسط ريال مدريد، بفضل قدرته على التقدم والتسجيل، وأصبح بيلينجهام عنصرا هجوميا خطيرا، وفي كأس الملك، قدم أداء مميزا بصناعة الفرص واستعادة 11 كرة، لكنه عانى أحيانا من ضغط وسط برشلونة.
وبالمقارنة مع بيدري، يجادل البعض بأن بيلينجهام يركز أكثر على التواجد في مناطق الجزاء، بينما يتفوق بيدري في التحكم بالإيقاع وصناعة اللعب، مع ذلك، تنوع أدوار بيلينجهام يجعله تهديدا مستمرا.
بيدري ضد بيلينجهام
الصدام الأبرز في هذا اللقاء سيكون بين بيلينجهام وبيدري، ليس فقط من حيث الأدوار الهجومية، بل في محاولة كل لاعب لفرض أسلوبه على المباراة.
بيدري، رغم قوامه البدني الأقل، يتمتع بذكاء تكتيكي يجعله يتفوق في المواقف الحرجة، وتمريراته القصيرة، وتحركاته بين الخطوط، وتوقيته في الضغط، كلها عناصر تصعب مهمة خصومه، كما يتفوق في التحكم بالكرة (75 تمريرة صحيحة مقابل 41 لبيلينجهام في الكلاسيكو الأخير).
أما بيلينجهام، فيعتمد على قوته البدنية في كسر الخطوط، ويجيد استغلال المساحات خلف خطوط الخصم، خاصة عندما يتقدم برشلونة للأمام، لذلك فإن الصراع لن يكون فقط تقنيا، بل بدنيا أيضا، وستكون قدرة دي يونج على مساعدة بيدري في الضغط على بيلينجهام من أبرز العوامل الحاسمة.
ويرى بعض جماهير ريال مدريد، بيلينجهام لاعبا شاملا يتجاوز أدوار خط الوسط التقليدية، بينما يرى أنصار برشلونة أن بيدري هو المايسترو الحقيقي الذي يدير اللعب بسلاسة.
وإذا استطاع برشلونة فرض سيطرته المعتادة على وسط الملعب، مع تقليل المساحات أمام بيلينجهام، فستكون له الكلمة العليا في الكلاسيكو، أما إذا تمكن الريال من عزل بيدري ودي يونج عن مناطق الخطورة، فقد يقلب المعادلة.
في النهاية، تبقى معركة خط الوسط بين بيدري وبيلينجهام مفتاح الحسم في كلاسيكو الأحد، الصراع بين الإبداع والديناميكية، بين الذكاء التكتيكي والقوة البدنية، سيحدد من يخرج فائزا من معركة العمالقة.